الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015
محاضرات في النظم القرابة والنسب في المجتمعات العشائرية:
حول تحديد ماهية المجتمعات القرابية وقواعد التسلسل وقواعد التسلسل القرابى فيها:
أولاً – ماهية القرابة :
تعتبر القرابة Kinship من أهم الاسس التي يرتكز عليها نظام الجماعات التساندية التضامنية Solidarry Groups ويشير اصطلاح القرابة إلى :" مجموعة من العلاقات الاجتماعية المعقدة القائمة على واقعة بيولوجية هي الميلاد , وظاهرة اجتماعية هي الزواج .
(أ) يرى " موردوك Murdock " أن نظام القرابة ما هو الا :" متسق العلاقات يرتبط فيه الافراد بعضهم ببعض بشبكة من الروابط و الصلات وعن طريق هذه الصلات و الروابط ذاتها وليس عن طريق النظام نفسه تظهر الجماعات القرابية كالاسرة و العائلة الكبيرة أو البدنية و البطن و القبيلة .
(ب) عرف " رادكليف براون R.Brown" القرابة بصفة مبدئية بأنها " العلاقات المباشرة التي تنشأ بين شخصين نتيجة الانحدار أحدهما من صلب الاخر أو نتيجة لانحدارهما هما الاثنين من سلف واحد مشترك".
(ج) وعلى هذا فإن القرابة – كنظام – توجد في كل المجتمعات الانسانية وهي و أن كانت أوضح في المجتمعات البدوية الا أن ذلك لا يمنع القرابة من أن تكون نظاماً عالمياً عرفته كل المجتمعات على مختلف العصور لأن كل مجتمع إنساني لابد له من نظام يحدد العلاقات القرابية بين أفراد وجماعاته .
ثانياً- ماهية الجماعات القرابية العشائرية ؟؟
يطلق على الجماعات الانسانية التي تقوم على اساس العلاقات القرابية اصطلاح Kin Groups أي " الجماعات القرابية " ويرى الباحثون ان تلك الجماعات تنقسم الى قسمين رئيسيين أولهما هو " Conlnjngul Family " أي الاسرة الزوجية
وثانيهما هو Consanguinity Kin Group" " أي الجماعات القرابية الدموية ويرون ان الفرق بين القسمين أو النمطين راجع اساسا الى عاملين رئيسيين يتمثل الأول منهما في : قاعدة السكني حيث نجد أعضاء الاسرة الزواجية يسكنون معاً بينما لا يشترط في الجماعة القرابية الدموية أن يسكن افرادها في مسكن واحد مشترك .ويمثل العامل الثاني في : أن العلاقات القرابية لدي الاسرة الزواجية ترتكز اصلاً على الزواج بينما لا يعتبر الزواج اساسا لها في الجماعات القرابية الدموية حيث تخضع هذه الجماعات لقواعد معينة أخرى للتسلسل القرابي يتحدد من خلال نطاق تلك الجماعة القرابية التي ينتمي اليها الفرد ومن تلك القواعد " العصبية Lineage " سواء كانت عصبية الاب أو عصبية الام وليست عصبية الابوة أو عصبية الامية هذه شيئاً من صنع الفرد ولكن ذلك الفرد عندما يولد يجد مجتمعة قد وضعة – حتى قبل ولادته – وفقاً لقواعد القرابة السائدة .
المهم أن المجتمع يضع أعضاءه إما داخل نطاق تسلسل قرابي أبوي Patrilineal Descent " أو داخل نطاق " تسلسل قرابي أمي Matrilineal Descent "" وفي نطاق التسلسل القرابي الابوي يصبح الطفل بالضرورة عضواً في الجماعات القرابية الدموية التي ينتسب إليها أبوه بينما يصبح الطفل عضوا في الجماعة القرابية الدموية التي ينتسب إليها أبوه بينما يصبح الطفل بالمقابل بمجرد ولادته عضوا في الجماعة القرابية الدموية التي تنتسب إليها أمه في نطاق التسلسل القرابي الامي ومن ثم يصبح خط القرابة بالنسبة له هو خط الاناث لا الذكور ويأتي أقربؤه من جهة الأب – بما فيهم الاب نفسه- في المرتبة الثانية بعد أقربائه من جهة الام وفي أحيان كثيرة قد لا يعتبرون أقرباءه على الاطلاق حيث يرث الابن خاله ويورثه بينما لا يرثه أبوه ولا يرث هو منه شيئاً ..الخ
ثالثاً – قواعد التسلسل و الانتماء القرابي :
هذا وينظم بعض الباحثين أهم القواعد على اعتبار أن :
(أ) هناك تسلسلا قرابياً أمياً و تسلسلاً قرابياً أبوياً .
(ب) كما يوجد هناك تسلسلاً قرابياً ثنائياً آخر لكنه اختيارياً يمتزج فيه انتماء الفرد باختياره بين عصبة أبيه أو أمه .
(ت) يوجد أخيراً التسلسل الثنائي الاجباري وفيه يجبر الفرد على أن ينتمي للجماعة القرابية لابيه بنفس القدر الذي ينتمي خلاله للجماعة القرابية لامه ومن هنا يصبح كل اعضاء الجماعتين أقرباء له شاء أو كهره .
والجدير بالذكر أن " موردوك " قد لاحظ أن قاعدة التسلسل القرابي الابوي هي اكثر القواعد القرابية انتشاراً في المجتمعات البدوية التي درسها . وفي نطاق البداوة الصحراوية العربية فإن كان الاسلام يرجح أو يميز أو يفضل قرابة الاب على قرابة الام خصوصاً فيما يتعلق بالحقوق و الواجبات المتصلة بالميراث و النفقة ومختلف صور التكافل أو الكفالة الاجتماعية الاخرى علاوة على دفع المهر والدية و القصاص وما إليها . كما يؤكد البعض الاخر من الباحثين في محاولة للتحديد الدقيق لقواعد أو نظم التسلسل القرابي أن في المجتمعات الانسانية ارتكزت على الرغم من تعددها واختلافها على سته نظم قرابية رئيسية عرفتها البشرية خلال مراحل تطورها المختلفة وهذه النظم هي :
(أ) النظام الأمي :
وهو النظام الذي يعتمد محور القرابة فيه على الام وحدها فالولد يلتحق بأمه و أسرة أمه أما أبوه و أفراد أسرته فيعتبون أجانب عنه لا تربطه بهم أيه رابطة من روابط القرابة الدموية .
(ب) النظام الابوي :
وهو نظام الذي يعتمد محور القرابة فيه على الاب وحده فالولد يلحق أو يلتحق بأبيه و أسرة أبيه أما أمه و أفراد أسترها فيعتبرون أجانب عنه ولا يشعر نحوهم كما لا يشعرون نحوه بأية عاطفة عائلية .
(ث) أما النظام الثالث :
فهو نظام مشترك يكون محور القرابة فيه معتمداً على الناحيتين معاً ناحية الاب وناحية الام مع ترجيح ناحية الاب على ناحية الام مع ملاحظة أن هذا النظام هو الذي تسير عليه جميع الشعوب و الامم الاسلامية .
(د) أما النظام الرابع :
فهو كسابقة يعتمد على الناحيتين معاً " الام و الاب " لكن مع ترجيح ناحية الام على ناحية الاب ومن الواضح ان هذا النظام ليس واسع الانتشار ويكاد يكون مقصوراً على فترات انتقال الشعوب من النظام الامي الى النظام الابوي .
(ه) و النظام الخامس :
وهو ذلك النظام الذي يكون محور القرابة فيه معتمداً على الناحيتين معاً دون مفاضلة كبيرة بينهما ويسود هذا النظام لدى معظم الامم الاوربية .
(و) النظام السادس :
أن يكون محور كل من القرابة و الاسرة قائماً على شيء أو عامل آخر غير انتساب أو انحدار الفرد من أب واحد أو أم معينة كأن يتبع الولد طوطم المكان الذي أحست فيه الام لاول مرة بتحركه في بطنها وهو جنين لم يولد بعد .
ومن هنا كان انتماء الطفل الى الطوطم المحلي أو الطوطم الحملى " نسبة الى المحل أو الى الحمل " ومن هنا فان القرابة لا تعتمد في هذه الحالة على أية روابط دموية أو مكانية جغرافية و إنما كانت صلة القرابة على مجرد المصادفة و التواضع الاجتماعي . و التواضع هنا يعني الاتفاق الجماعي أو الاجتماعي .
رابعاً الاسرة و الزواج وعلاقتهما بنظام القرابة في المجتمعات العشائرية البدوية :
يدخل تحت نطاق دراسة نظام القرابة Kinship في المجتمعات العشائرية موضوعان هامان :
أولهما نظام الاسرة , وثانيهما نظام الزواج , ولقد تحدثنا عن الاسرة خلال فصل سابق وسنتناول الزواج كموضوع مستقل في فصل تال ونجد أنه لا داعي للتكرار و إن كنا نحب أن نشير هنا الى ان معظم الباحثين يرون أن الخاصية الغالبة لدى كثير من الجماعات القرابية الدموية هي خاصية أو قاعدة الزواج من الخارج بمعنى أن إحساس أعضاء الجماعة بأن الرابطة التي بينهم هي رابطة أخوة أو أبوة أو بنوة يدفعهم إلى تطبيق قاعدة الزواج من الخارج Exogamy على اعتبار أن كل أعضاء الجماعية القرابية الدموية يصبحون محارم لراغبي الزواج .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق