السبت، 7 نوفمبر 2015
محاضرة عن مراحل البحث الاجتماعي وخطواته
مراحل البحث الاجتماعي وخطواته:
تمر عملية البحث في مراحل ثلاثة رئيسية هي: المرحلة التحضيرية، والمرحلة الميدانية، والمرحلة النهائية، وتتضمن كل من المراحل مجموعة من الخطوات. ففي المرحلة التحضيرية يقوم الباحث باختيار مشكلة البحث وصياغتها وتحديد المفاهيم والفروض العلمية، وتحديد نوع الدراسة التي يقوم بها، وكذا نوع المنهج المستخدم في البحث والأدوات اللازمة لجمع البيانات، كما يقوم بتحديد مجالات البحث الثلاثة البشري، والمكاني، والزمني. وفي المرحلة الميدانية يقوم الباحث بجمع البيانات إما بنفسه أو عن طرق مجموعة من الباحثين الميدانيين الذين يستعان بهم في أغلب الأحيان في البحوث الكبيرة التي تجريها مراكز البحث العلمي والهيئات والمؤسسات العامة، وتتضمن هذه المرحلة مجموعة من الخطوات أهمها: عمل الاتصالات اللازمة بالمبحوثين وتهيئتهم لعلمية البحث، وإعداد الباحثين الميدانيين وتدريبهم، والإشراف عليهم أثناء جمع البيانات من الميدان للوقوف على ما يعترضهم من صعاب، والعمل على تذليلها أولاً بأول، ثم مراجعة البيانات الميدانية لاستكمال نواحي النقص فيها والتأكد من أنها صحيحة ودقيقة ومسجلة بطريقة منظمة، وفي المرحلة النهائية يقوم الباحث بتصنيف البيانات وتفريغها وجدولتها وتحليلها وتفسيرها، ثم يقوم بكتابة تقرير مفصل يشتمل على كل الخطوات التي مرت بها عملية البحث.
وقد سبقت الإشارة إلى ان مراحل البحث وخطواته تترابط فيما بينها ترابطاً عضوياً وثيقاً بحيث يصعب وضع الحدود والفواصل فيما بينها، ولذا فإن الباحث حينما يصمم بحثه يفكر في جميع المراحل والخطوات باعتبارها وحدة متكاملة، إلا أنه يقوم بإبراز الخطوات واحدة بعد الأخرى كلما تقدم في دراسته. وليس ترتيب خطوات البحث واحداً من حيث الأولوية، وإنما تقتضي طبيعة كل بحث تقديم أو تأخير بعضها عن بعض. ونعرض فيما يلي لهذه الخطوات بشيء من الإيجاز.
1_ اختيار مشكلة البحث وصياغتها:
تعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات البحث لأنها تؤثر في جميع الخطوات التي تليها، وفي كل ميدان عدد كبير من المشكلات التي تتحدى تفكير الباحث وتدفعه إلى دراستها للكشف عنها واستجلاء جوانبها الغامضة وليست كل الموضوعات في حاجة إلى بحث علمي، فبعض التساؤلات يمكن الإجابة عنها بسهولة ويسر. وفي مثل هذه الأحوال يجدر بالباحث أن يوفر على نفسه عناء البحث والاستقصاء وأن ينخير مشكلة تتميز بالأصالة والعمق، وتكون لها دلالتها العلمية أو أهميتها المجتمعية.
ومن الضروري عند اختيار مشكلة البحث تحديد النقاط الرئيسية والفرعية التي تشمل عليها، وصياغتها في مصطلحات واضحة محددة. ويؤكد" روبرت مرتون" أهمية هذه النقطة وبخاصة في البحوث التطبيقية لأن المستفيد من البحث نادراً ما يصوغ مشكلته العملية في مصطلحات كافية الدقة، ووضع المشكلة على هذه الصورة يجعلها تؤدي إلى تضليل الباحث تضليلاً قد يكون خطيراً. ولذا فإن من الضروري تحديد المشكلة وصياغتها بدقة تامة حتى يسهل وضع تصميم منهجي دقيق لدراستها، ويحث الجوانب المختلفة لها.
2_ تحديد المفاهيم والفروض العلمية:
من الضروري بعد اختيار المشكلة ان يحدد الباحث المفاهيم الأساسية المرتبطة بموضوع الدراسة. ويعتبر تحديد المصطلحات العلمية أمراً لازماً في كل بحث، وكلما اتسم هذا التحديد بالدقة أمكن للباحث أن يجري بحثه على أساس علمي سليم، وسهل على القراء الذين يتابعون البحث إدراك المعاني والأفكار التي يريد الباحث التعبير عنها دون أن يختلفوا في فهم ما يقول. وبعد ان ينتهي الباحث من تحديد المفاهيم العلمية، فإنه ينتقل إلى خطوة وضع الفروض وخاصة في الميادين التي أرتادها الباحثون من قبل، والتي وصلت فيها البحوث السابقة إلى درجة عالية من التطور العلمي. أما في الميادين التي لاتزال جديدة فلا بأس من ان يقوم الباحث بدراسات استطلاعية تساعد على استنباط الفروض التي يمكن اختيارها في بحوث تالية.
3_ تحديد نوع الدراسة أو نمط البحثtype of research:
يتحدد نوع الدراسة على أساس مستوى المعلومات المتوفرة لدى الباحث. وعلى أساس الهدف الرئيسي للبحث. فإذا كان ميدان الدراسة جديداً لم يطرقه أحد من قبل اضطر الباحث إلى القيام بدراسة استطلاعية (كشفية) تهدف أساساً إلى استطلاع الظروف المحيطة بالظاهرة التي يرغب في دراستها، والتعرف على أهم الفروض التي يمكن اخضاعها للبحث العلمي الدقيق، أو ليتمكن من صياغة المشكلة صياغة دقيقة تمهيداً لبحثها بحثاً متعمقاً في مرحلة تالية. وإذا كان الموضوع محدداً عن طريق بعض الدراسات التي سبق اجراؤها في الميدان أمكن القيام بدراسة وصفية تهدف إلى تقرير خصائص الظاهرة وتحديدها تحديداً ودقة، استطاع الباحث أن ينتقل إلى مرحلة ثالثة من مراحل البحث فيقوم بدراسة تجريبية للتحقق من صحة بعض الفروض العلمية.
ويلاحظ أن وضع الفروض يرتبط بنوع الدراسة. فالدراسات الاستطلاعية تخلو من الفروض، على حين أن الدراسات الوصفية قد تتضمن فروضاً إذا كانت المعلومات المتوفرة لدى الباحث تمكنه من ذلك، أما الدراسات التجريبية فإن من الضروري أن تتضمن فروضاً دقيقة محددة بحيث تدور الدراسة بعد ذلك حول محاولة التحقق من صحتها أو خطئها.
4_ تحديد المنهج أو المناهج الملائمة للبحث methods of research:
يشير مفهوم المنهج إلى الكيفية أو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسة المشكلة موضوع البحث. وهو يجيب على الكلمة الاستفهامية: كيف؟ فإذا تساءلنا كيف يدرس الباحث الموضوع الذي حدده؟ فإن الإجابة على ذلك تستلزم تحديد نوع المنهج.
ومن المناهج التي تستخدم في البحوث الاجتماعية: المسح الاجتماعي والمنهج التاريخي، ومنهج دراسة الحالة، والمنهج التجريبي.
5_ تحديد الأداة أو الأدوات اللازمة لجمع البيانات:
Techniques of data collection
يشير مفهوم الأداة إلى الوسيلة التي يجمع بها الباحث البيانات التي تلزمه. وهو يجيب على الكلمة الاستفهامية، بم أو بماذا؟ فإذا تساءلنا: بم يجمع الباحث بياناته؟ فإن الإجابة على هذا التساؤل تستلزم تحديد الأداة أو الأدوات اللازمة لجمع البيانات.
ويستخدم المشتغلون بمناهج البحث مفهوم الأداة للإشارة إلى الوسيلة المستخدمة في جمع البيانات او تفريغها، غير أننا نقصر مفهوم الأداة في هذا المجال على وسائل جمع البيانات.
وغالباً ما يستخدم الباحث عدداً كبيراً من أدوات جمع البيانات من بينها الملاحظة، والاستبيان، والمقابلة، ومقاييس العلاقات الاجتماعية والرأي العام، وتحليل المضمون، بالإضافة إلى البيانات الإحصائية على اختلاف نوعها.
ويتوقف اختيار الباحث للأداة أو الأدوات اللازمة لجمع البيانات على عوامل كثيرة. فبعض أدوات البحث تصلح في بعض المواقف والأبحاث عنها في غيرها. فمثلاً بفضل بشكل عام استخدم المقابلة والاستبيان عندما يكون نوع المعلومات اللازمة له اتصال وثيق بعقائد الأفراد واتجاهاتهم نحو موضوع معين، وتفضل الملاحظة المباشرة عند جمع معلومات تتصل بسلوك الأفراد الفعلي نحو موضوع معين، كما تفيد الوثائق والسجلات في إعطاء المعلومات اللازمة عن الماضي. وقد يؤثر موقف المبحوثين من البحث في تفضيل وسيلة على وسيلة أخرى. ففي بعض الأحيان يبدي المبحوثون نوعاً من المقاومة ويرفضون الإجابة على أسئلة الباحث، وفي هذه الحالة يتعين استخدام الملاحظة في جمع البيانات.
وقد يعتمد الباحث على أداة واحدة لجمع البيانات، وقد يعتمد على أكثر من أداة حتى يدرس الظاهرة من جميع نواحيها، وليكشف عن أبعادها المتعددة.
وزيادة في توضيح المعنى الذي نقصده باستخدامنا لمفهوم نوع الدراسة أو نمط البحث، والمنهج، والأداة نضرب المثال التالي:
إذا قمنا بدراسة عن ميزانية الأسرة المصرية، وكان هدفنا من وراء هذه الدراسة معرفة مستوى معيشة الفرد، وتحديد مصادر الدخل المختلفة، ومتوسط الأنفاق في الغذاء والمسكن والملبس والمكيفات والترويح. والوصول إلى تعميمات متعلقة بهذه النواحي، ثم وقع اختيارنا على منطقة معينة لنقوم فيها بمسح اجتماعي، وقمنا بإرسال صحائف استبيان إلى أفراد العينة التي حددناها، في هذه الحالة نستطيع أن نقول أن نمط البحث وصفي، ومنهج البحث هو المسح الاجتماعي، وأداة جمع البيانات هي الاستبيان أو الاستفتاء.
6_ تحديد المجال البشري للبحث:
وذلك بتحديد مجتمع البحث population. وقد يتكون هذا المجتمع من جملة أفراد، او عدة جماعات، وفي بعض الأحيان يتكون مجتمع البحث من عدة مصانع او مزارع أو وحدات اجتماعية، ويتوقف ذلك بالطبع على المشكلة موضوع الدراسة.
ولما كان من العسير في كثير من البحوث الاجتماعية القيام بدراسة شاملة لجميع المفردات التي تدخل في البحث، فإن الباحث لا يجد وسيلة أخرى يستطيع الاعتماد عليها سوى الاكتفاء بعدد محدود من الحالات أو المفردات في حدود الوقت والجهد والامكانيات المتوفرة لديه، ثم يقوم بدراسة هذه الحالات الجزئية، ويحاول تعميم صفاتها على المجتمع الكبير. وتعرف طريقة جمع البيانات من جميع المفردات التي تدخل في البحث بطريقة الحصر الشامل، بينما تعرف الثانية بطريقة العينة.
7_ تحديد المجال المكاني للبحث:
وذلك بتحديد المنطقة أو البيئة التي تجري فيها الدراسة.
8_ تحديد المجال الزمني للبحث:
وذلك بتحديد الوقت الذي تجمع فيه البيانات. ويقتضي ذلك القيام بدراسة استطلاعية عن الأشخاص الذين تتكون منهم العينة لتحديد الوقت المناسب لجمع البيانات. فإذا كانت نسبة كبيرة منهم تذهب للحج أو إلى المصايف صيفاً، أو تتغيب عن المدارس والجامعات قرب نهاية العام، فلا يجب أن يقوم الباحث بجمع البيانات في موسم الحج أو في فصل الصيف، او قرب نهاية العام الدراسي.
9_ جمع البيانات من الميدان:
قد يجمع الباحث البيانات بنفسه، وقد يجمعها عن طريق مندوبين عنه. ولما كانت عملية جمع البيانات هي التي تتوقف عليها صحة النتائج ودقتها، فإن جامعي البيانات يجب أن تتوافر لديهم الخبرة والدراية الكافية بالبحوث الميدانية، وأن تكون لديهم من القدرات والمواهب الشخصية ما يؤهلهم لجمع البيانات كحسن التصرف واللباقة والصبر، وأن يكون لديهم المام ببعض القضايا الاجتماعية الخاصة بالمجتمع بعامة، ومجتمع البحث بصفة خاصة، كما أن من الضروري أن يقوم الباحث بتدريب جامعي البيانات قبل النزول إلى الميدان وذلك عن طريق شرح الهدف من البحث وخطته وكيفية تطبيق أدوات البحث على أن يشمل ذلك التدريب الشروط الأساسية في تطبيق كل أداة وكيفية التصرف في المواقف المتوقعة، ويفضل أن يطبع دليل للعمل الميداني ليكون مرجعاً لجامعي البيانات يسترشدون به وقت الحاجة.
ولكي يضمن الباحث استجابة المبحوثين وتعاونهم مع القائمين بجمع البيانات، فإن من الضروري أن يقوم بتهيئة أذهان المبحوثين بموضوع البحث وعمل التوعية اللازمة لهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة أو عن طريق الاتصال بالهيئات المسئولة أو القيادات المحلية التي يمكنها تهيئة المناخ الملائم لجمع البيانات.
ومن الضروري أن يقوم الباحث بالإشراف على الباحثين الميدانيين أثناء جمع البيانات للوقوف على ما يعترضهم من صعاب، والعمل على تدليلها أولاً بأول، ثم مراجعة البيانات لاستكمال نواحي النقص فيها، والكشف عن الإجابات المتناقضة، والتأكد من أن البيانات دقيقة ومسجلة بطريقة منظمة.
10_ تصنيف البيانات وتفريغها وتبويبها:
بعد مراجعة البيانات ينبغي على الباحث أن يصنف البيانات في نسق معين يتيح للخصائص الرئيسية أن تبدو واضحة جلية. والتصنيف عملية يهدف الباحث من ورائها إلى ترتيب البيانات وتقسيمها إلى فئات بحيث توضع جميع المفردات المتشابهة في فئة واحدة. وبعد الانتهاء من عملية التصنيف ينبغي على الباحث أن يفرغ البيانات إما بالطريقة اليدوية أو بالطريقة الآلية. ويتوقف ذلك على عدد الاستمارات التي جمعها الباحث. وبعد تفريغ البيانات وإحصاء الاستجابات، تبدأ عملية تبويب البيانات في جداول بسيطة أو مزدوجة أو مركبة.
11_ تحليل البيانات وتفسيرها:
من الضروري بعد جدولة البيانات تحليلها إحصائياً لإعطاء صورة وصفية دقيقة للبيانات التي أمكن الحصول عليها، ولتحديد الدرجة التي يمكن ان تعمم بها نتائج البحث على المجتمع الذي اخذت منه العينة وعلى غيره من المجتمعات، ويستعان في ذلك بالأساليب الإحصائية المختلفة التي تفيد في هذا المجال.
وبعد الانتهاء من التحليل الإحصائي ينبغي أن يفسر الباحث النتائج التي حصل عليها حتى يكشف عن العوامل المؤثرة في الظاهرة المدروسة، والعلاقات التي تربط بينها وبين غيرها من الظواهر، وبدون التفسير تصبح الحقائق التي توصل إليها الباحث لا جدوى من ورائها ولا غناء فيها.
12_ كتابة تقرير البحث:
بعد الانتهاء من تفسير البيانات، تبدأ خطوة كتابة التقرير عن البحث. وعن طريق هذه الخطوة يستطيع الباحث أن ينقل إلى القراء ما توصل إليه من نتائج، كما يستطيع أن يقدم بعض المقترحات والتوصيات التي خرج بها من البحث، ويشترط ان تكون هذه المقترحات ذات صلة وثيقة بالنتائج التي أمكن الوصول إليها، وأن تكون محددة تحديداً دقيقاً. وتتجلى مهارة الباحث في الربط بين ما يتوصل إليه من نتائج وبين ما يقترحه من حلول للمشكلات التي أسفرت عنها الدراسة والتي تشير إليها نتائج البحث بدون مبالغة أو حشو أو تطويل.
هذا ومن الضروري أن يسير كل بحث وفقاً لحدود معينة من الوقت والتكاليف. ولابد للباحث ان يضع الخطوات الخاصة بكل مرحلة في برنامج زمني يتضمن توقيتاً دقيقاً لتنفيذ كل منها في المواعيد المحددة. ولابد عند تحديد البرنامج الزمني للبحث مراعاة العوامل التي قد تعوق سير العمل، وإضافة 5% من الوقت على سبيل الحبطة، كما يجب على الباحث أن يحدد الوقت المناسب للقيام بكل خطوة.
أما عن تقرير الميزانية فيجب على الباحث أن يعمل حساباً لكل النفقات التي يتطلبها البحث. ويرى البعض أنه لتقدير الوقت والمال الملازمين لإجراء أي بحث يمكن أن تتقاسم مراحل البحث الثلاثة " التحضيرية، والميدانية، والنهائية" الزمن والتكاليف بالتساوي تقريباً.
ولضمان سير العمل في حدود الوقت والمال المخصص لكل مرحلة من مراحل البحث. يمكن إعداد بطاقة أو جدول يتضمن خطوات البحث، ويقوم الباحث بملئه أثناء تنفيذ البحث، موضحاً فيه ما تم تنفيذه بالنسبة لكل خطوة من خطوات البحث، وما استغرقه تنفيذ كل خطوة من وقت ونفقات.
سابعاً إعداد خطة البحث (الإطار المفتوح research proposal):
ترتبط بعملية التصميم المنهجي للبحث وضع خطة مقترحة تكون بمثابة الإطار التصوري لمشروع البحث. وغالباً ما تعرض هذه الخطة على مجموعة من الزملاء في "حلقة بحثseminar " ، أو على عدد من المتخصصين في الموضوع، أو على الأستاذ المشرف على الرسالة تمهيداً لإقرارها أو إدخال التعديلات عليها.
وينبغي أن تشتمل الخطة المقترحة على النقاط التالية:
1_ مقدمة عامة: يعرض الباحث في هذه المقدمة للتطور التاريخي لدراسة المشكلة، والدراسات التي سبق اجراؤها في نفس المجال، ثم يحدد النقاط الأساسية والفرعية التي يرغب في دراستها، والأبعاد التي يحاول التركيز عليها.
2_ تحديد اهداف البحث: غالباً ما تنحصر أهداف البحث في هدفين أحدهما علمي والآخر عملي. ويقصد بالهدف العلمي تقديم إضافات نظرية إلى العلم، كاختبار إحدى النظريات القائمة، أو إضافة متغيرات جديدة إلى نظرية قائمة، أو الوصول إلى حقائق يمكن أن تعتبر أساساً لنظرية جديدة. أما الهدف العملي فيقصد به دراسة مشكلة تواجه الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات للتعرف على العوامل المؤدية إليها والنتائج المترتبة عليها بغرض تقديم حلول علمية تساعد على القضاء على المشكلة أو التخفيف من حدتها. وكثيراً ما يجمع البحث الواحد بين الهدفين حيث يتعذر إقامة الحدود والفواصل بين الجوانب العلمية والعملية في البحث.
3_ تحديد البناء النظري للبحث: تعتبر النماذجmodels والنظريات theories ، والمداخل التصورية conceptual approaches موجهات لا غنى عنها في ترشيد البحوث، وتوجيه الملاحظات، وصياغة القضايا، ووضع الفروض، وتفسير وقائع الحياة الاجتماعية.
ولذلك ينبغي أن يحدد الباحث من البداية البناء النظري الذي يعتمد عليه في توجيه البحث، والذي يستمد منه مفاهيمه وفروضه، والذي يستند إليه في تفسير النتائج التي يتوصل إليها.
وقد قدم " أليكس إنكليس Alex inkeles " تصنيفاً للنماذج المختلفة التي يمكن أن تشتق منها النظريات السوسيولوجية والتي تصلح لأن تكون منطلقات أساسية للبحث. وهذه النماذج هي: النموذج التطوري، والنموذج العضوي (البنائي، الوظيفي)، ونموذج التوازن في مقابل الصراع، ونموذج العلم الطبيعي، والنموذج الإحصائي الرياضي.
4_ تحديد المفاهيم والفروض المستخدمة في البحث:
يستطيع الباحث أن يحدد المفاهيم ويصوغ الفروض في ضوء الإطار النظري للبحث. ولابد للباحث من أن يكون ملماً بالجوانب النظرية للموضوع الذي يدرسه الإلمام الكافي الذي يمكنه من تحديد المفاهيم، واستنباط الفروض، وصياغة القضايا بطريقة علمية سليمة.
5_ تحديد الإجراءات المنهجية للبحثmethodology :
ويقتضي ذلك تحديد المناهج التي يرى الباحث انها تصلح لدراسة المشكلة، والتحقق من صحة فروض البحث، وكذلك الأدوات التي يمكن استخدمها لجمع البيانات، فضلاً عن التحديد الواضح لمجالات البحث الثلاثة: البشري، والمكاني، والزمني.
6_ تحديد طرق التحليل الإحصائي للبيانات:
من الضروري أن يحدد الباحث المقاييس والاختبارات الإحصائية التي يمكنه الاستفادة بها في تحليل البيانات كمقاييس النزعة المركزية، والتشتت، والارتباط، واختبارات دلالة لفروق. فعن طريق هذه المقاييس والاختبارات يمكن تحديد الدرجة التي تعمم بها النتائج البحث على المجتمع الذي أخذته منه العينة وعلى غيره من المجتمعات.
7_ تحديد طريقة عرض البيانات:
عند إعداد الخطة ينبغي تحديد الطرق التي يمكن استخدامها في عرض نتائج البحث، والتي من بينها الرسوم البيانية الخطية والمصورة. والخرائط والمصورات والجداول الإحصائية.
8_ تحديد نوع التفسيرات الممكنة:
لا يقف البحث العلمي عند مجرد جمع البيانات وتحليلها، بل يتجه إلى تفسيرها وتعميمها. ولذا ينبغي أن يحدد الباحث نوع التفسيرات المقترحة والتي تتمشى مع نتائج البحث بحيث لا يجاوز التفسير حده ومداه. وقد سبقت الإشارة إلى أن ذلك غالباً ما يتم في إطار النماذج والنظريات والمداخل التصورية التي يستخدمها الباحث في توجيه البحث وترشيده.
ولنضرب مثالاً بخطة بحث عن (النمو الحضري وآثاره الاجتماعية في منطقة بولاق الدكرور) قام به المؤلف بالاشتراك مع كلية الخدمة الاجتماعية بالقاهرة. فقد كتبت خطة البحث بالصورة التالية:
تعتبر ظاهرة النمو الحضري من الظواهر الهامة التي تشهدها المجتمعات الإنسانية منذ بداية القرن التاسع عشر. وتشير البيانات الإحصائية الموثوق بها إلى حقيقتين هامتين:
أولاهما: أن معدلات التحضير "ويقصد بها نسبة سكان المدن إلى المجموع العام للسكان" تسير بسرعة أكبر من معادلات الزيادة السكانية في العالم.
والثانية: أن ظاهرة النمو الحضري بلغت مداها في البلاد المتقدمة خلال القرن التاسع عشر بحيث وصلت تلك المجتمعات إلى حالة قريبة من التشبع الحضري، على حين ان المجتمعات النامية لم نبدأ فيها ظاهرة النمو الحضري السريع إلا منذ بداية القرن العشرين، ولذلك فإن المجتمعات النامية تعاني اليوم وبصورة واضحة من التدفق المستمر للسكان الريفيين إلى المناطق الحضرية.
ومن الملاحظ أن ظاهرة النمو الحضري في جمهورية مصر العربية كانت تسير بطريقة تدريجية. ثم أخذت في الزيادة السريعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وليست زيادة نسبة سكان المدن في الدلتا، وعلى وجه التحديد في مدينتي القاهرة والإسكندرية. فبمقتضى إحصاء سنة 1960، استوعبت القاهرة والإسكندرية مجتمعتين أكثر من 52% من سكان الحضر، أما المناطق المتاخمة الواقعة داخل كردون هاتين العاصمتين فقد استوعبت أكثر من 57%.
ومن الثابت علمياً أن عملية التحضر في المجتمعات المختلفة تصاحبها تغيرات في البناء الاجتماعي، وتنشأ عنها أنماط مستحدثة، وقيم اجتماعية جديدة، وترتبط بها مشكلات اقتصادية واجتماعية وحضارية متعددة، لعل من أهمها حدوث تفكك في العلاقات الاجتماعية، وطغيان القيم الفردية على القيم الجمعية، وارتفاع معدلات الجريمة، وعجز المؤسسات والهيئات القائمة في المدينة عن تقديم الخدمات المتعلقة بالإسكان والمواصلات والتعليم والصحة والترويح، وظهور الأحياء المختلفة.
ويتجه هذا البحث إلى محاولة التعرف على آثار الاجتماعية التي تحدثها عملية النمو الحضري، ومناقشة نظرية التحضر في التراث الاجتماعي الغربي في ضوء ما يتوافر لنا من حقائق. وقد وقع الاختيار على منطقة بولاق الدكرور لتكون مجالاً مكانياً للدراسة، ذلك لأن المسح الشامل الذي اجري في بولاق الدكرور سنة 1972 أظهر أن معظم سكان بولاق من النازحين إذا بلغت نسيتهم 86,05%، بينما بلغت نسبة الأسر التي هي من بولاق الدكرور أصلاً 13,95% .
وتنحصر النقاط التي يهدف البحث إلى التعرف عليها فيما يلي:
1_ تركيب السكان في المنطقة، وتحديد مصادر النمو السكاني مع محاولة التعرف على دور الهجرة من الريف في هذا النمو.
2_ النمو العمراني في المنطقة وتحديد مناطق التركز السكاني.
3_ الحالة الأسرية.
4_ الحالة الاقتصادية.
5_ الحالة التعليمية.
6_ الحالة الدينية.
7_ الحالة الصحية.
8_ الترويح وشغل أوقات الفراغ.
9_ المشكلات الاجتماعية الأساسية بالمنطقة.
ويمكن تحديد اهداف البحث فيما يلي:
1_ التعرف على الملامح الأساسية لمجتمع بولاق الدكرور، وتكوين صورة متكاملة من الظواهر والنظم الاجتماعية السائدة بالمجتمع لتكون أساساً لدارسات متعمقة في جانب أو أكثر من الجوانب التي يكشف عنها البحث.
2_ الوصول إلى تعميمات متعلقة بالآثار التي تحدثها عمليات التحضر في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، والمقارنة بين الحقائق التي يكشف عنها البحث وبين النتائج التي اسفرت عنها البحوث التي سبق اجراؤها في المجتمعات الغربية.
3_ الوقوف على المشكلات الاجتماعية بمنطقة بولاق الدكرور ومحاولة إيجاد الحلول العلمية لها، ومحاولة التعرف على المشكلات الاجتماعية المصاحبة لظاهرة التحضر عموماً، ثم الخروج بمؤشرات تفيد في وضع السياسة الاجتماعية للدولة، وفي عمليات النهوض بالمجتمعات المحلية.
نوع الدراسة: وصفية.
المنهج المستخدم: المسح الاجتماعي بطريق العينة.
وسائل جمع البيانات:
1_ البيانات والنشرات الإحصائية، ومن أهمها إحصاءات السكان والمواليد والوفيات، وإحصاءات الصحة، وإحصاءات الأمن وإحصاءات الخدمات الاجتماعية عموماً.
2_ استمارة مقابلة "استبار" تجمع بمقتضاها البيانات المطلوبة وفقاً للنقاط المحددة في البحث.
الفترة الزمنية المحددة للبحث:
تقدر لهذا البحث مدة عامين تبدأ في أول يناير عام 1975 وتنتهي في 31 ديسمبر عام 1976.
وفي دارسة عن اتجاهات الصحف المصرية تجاه مشروع السد العالي، بدأ الإعداد لها بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في أواخر سنة 1975، صيغت خطة البحث بالصورة التالية:
يهدف هذا البحث إلى تحديد اتجاهات الصحف والمجلات المصرية نحو مشروع السد العالي بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر. فالملاحظ أن مشروع السد العالي الذي كان مفخرة من مفاخر الثورة ورمزاً للإرادة المصرية في تحدي الفقر والتخلف قد أصبح محوراً للانتقادات في السنوات الأخيرة. وبينما لم تحاول الصحف المصرية في الفترة التي سبقت وفاة الرئيس جمال عبد الناصر أن تنتقد المشروع أو تسلط الأضواء على جوانبه السلبية أو آثاره الجانبية المحتملة، غلا ان بعضها ركز الأضواء بعد وفاته على تلك الجوانب السلبية والآثار الجانبية، والمعروف أنه لكي يعمل أي نظام بفاعلية لابد من وجود نقاش موضوعي حول الجوانب الإيجابية والسلبية لأي مشروع من المشروعات أو فكرة من الأفكار. وما دامت جميع الآراء ستعرض بدون تقييد، فمن المحتم أن يؤدي الحوار والنقاش إلى معاونة المواطنين على تكوين فكرة واقعية تتسم بالتوازن عن الأمور المختلفة.
لذلك تعتبر دراسة اتجاهات الصحف المصرية في الفترة التي تلت سنة 1970 نحو مشروع السد العالي، دراسة لأسلوب معالجة الصحافة لقضية حيوية. والهدف أولاً تحديد اتجاه الصحف بشكل عام نحو المشروع، ثم تحديد الصحف التي ركزت على جوانب السد الإيجابية وتلك التي ركزت على جوانبه السلبية، وتلك التي قدمت عرضاً متوازناً للحقائق والآراء، وربما يكون ذلك البحث مقدمة لعمل دراسة عن اتجاهات الجماهير نحو المشروع ومدى تأثرها بما نشر في الصحف عن مشروع السد العالي.
أهمية البحث:
تعتبر وسائل الإعلام وسيلة هامة من وسائل تكوين الاتجاهات وتدعيمها وتغييرها. لذلك يعرب البعض عن تخوفه إذا ما ركزت تلك الوسائل هجومها على مشروع معين أو فكرة معينة. ولقد عملت وسائل الإعلام. كما عملت الظروف السياسية والاقتصادية التي وجدت في مصر منذ سنة 1955 على تكوين رأي عام مؤيد لمشروع السد العالي بشدة وحماس. كما تحملت مصر أعباء حرب سنة 1956 بعد تأميم شركة قناة السويس لكي تبني السد مما جعل المشروع يرتبط في الأذهان بمعاني كبيرة.
وكأي مشروع من المشروعات لابد أن يكون له آثار إيجابية وسلبية، ولكن النقد "المبالغ فيه" الذي وجه إلى مشروع السد بعد سنة 1970 من جانب بعض الصحف المصرية آثار قدراً كبيراً من التساؤلات، كما اختلفت الآراء حول الأسلوب عرض الصحف لمادتها الإعلامية، لذلك كان من الضروري إجراء دراسة لتحديد موقف الصحف والمجلات المصرية من هذا المشروع، ولتحديد اتجاهات كل جريدة ومدى تحيزها أو موضوعيتها. في عرض الحقائق والآراء.
الافتراضات:
الافتراض الأساسي في هذه الدراسة هو أن:
1_ نسبة الحقائق السلبية عن مشروع السد العالي زادت في بعض الصحف والمجلات المصرية بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر.
( أ) قبلت دوريات معينة حقائق سلبية عن مشروع السد العالي وبالغت في أهميتها.
(ب) قبلت دوريات معينة الحقائق السلبية عن مشروع السد العالي وأشارت إلى ان السد غير مسئول عنها. أو عزت تلك الجوانب السلبية إلى قصور في تنفيذ أعمال كان يجب أن تصاحب تنفيذ المشروع.
(ج) رفضت بعض الدوريات نسبة كبيرة من الحقائق السلبية عن السد العالي واعتبرتها غير صحيحة.
2_ زادت نسبة الآراء المعادية للسد العالي في بعض الصحف المصرية في الفترة التي تلت وفاة الرئيس جمال عبد الناصر.
مدة الدراسة: من سبتمبر سنة 1970 حتى سبتمبر سنة 1975.
عينة البحث:
يتم تحليل جميع الصحف اليومية الصباحية اليومية الصباحية وهي الأهرام والأخبار والجمهورية كما تتم دراسة بعض الدوريات الأسبوعية التي تصدر، وهي آخر ساعة والمصور وروز اليوسف وصباح الخير. وينصب البحث على كل ما كتب عن السد العالي دون اختيار عينة من هذه الكتابات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق