أعيش اليوم بقلبي المجروح وجسدي الذابل ، وروحي المنهكة ، وعقلي المكبل بالخوف من المستقبل المجهول.
انتزعوني من مقعدي في المدرسة ، ومزقوا دفتري ، و حطموا قلمي ، و وضعوا أصبعي لتضغط على الزناد فلم تقوى على ذلك فقتلوني ، و أتوا برفيقي و وضعوه في المترس ؛ عيناه ما تعودت على رؤيا الرصاص ، ولم تتعود أذنه على أصوات الانفجارات بل كان يحرص وهو يمسك قلمه على استقامة الخط ، و التفنن فيه وحفظ العبارة من حديثٍ أو شعر ، أو آية من كتاب الله الكريم.
ذات يوم خرجت لأشتري الخبز وقليل من حاجيات البيت التي أرادتها أمي وإذا بمجموعة يتلقفونني في الشارع فيأخذونني عنوة على سيارة عسكرية إلى موقعٍ غريب إلا من الريح والغبار ، و أزيز الرصاص.
صرت أتلفت فإذا عن يميني مدفع ، وعن يساري رشاش ، ومن أمامي رصاصة تنطلق من بندقيتي المفروضة عليّ ، أو أخرى قادمة لتسكن في صدري ، ومن فوقي صاروخاً قادماً يهز الأرض من تحتي و يقتل حتى الغبار ، ومن تحتي لغمٌ عدوٌ للحياة فإن لم يقتلني يبتر قدماي ، أو إحداهما ، أو يمزق أصابع يدي كي لا تقوى على الإمساك بالقلم ، أو قد يفقدني بصري فتكون آخر صورة تحتفظ بها ذاكرتي هي صورة الموت ، والدمار.
أنقذوني فإن روحي المقاومة منهكة ، وقلبي يحاول أن يعيش وعقلي مازال يأمل في المستقبل. حاصرتني الحرب ،و الكوليرا ، و كورونا ، والعالم يراني أنزف.
طفل اليمن الروح المنهكة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق