السبت، 7 نوفمبر 2015

محاضرة عن اقسام البدو

اقسام البدو: يكمن تقسم البدو حسب تجمعاتهم ونمط حياتهم ، وطرق معيشتهم ، إلى ثلاثة أقسام: 1 – البدو الرحل: وهؤلاء لا يستقرون في مكان معين ، بل يتنقلون بين الأمكنة حسب توفر الماء والكلأ ، ومعظم هذه الفئة يعتمدون على الإبل في حياتهم ، وتكون نجعتهم ورحلاتهم بعيدة المدى ، فقد يتحركون من حدود عمان في جنوب شرق الجزيرة العربية إلى حدود العراق في الشمال ، وهناك فئات قليلة من البدو الرحل تعتمد على الأبقار والأغنام ، ولكن نعجتهم ورحلاتهم لا تكون بعيدة لأن الأبقار والأغنام لا تتحمل الحرت البعيدة ولا تصبر كثيراً على الظمأ مثل الإبل ، ويرى بعض الباحثين أن "البدو الرحل هؤلاء يحتقرون من سواهم ، ويعتزون ببداوتهم اعتزازاً شديدان ولا يطيقون حياة الاستقرار ، لأنهم ألفوا الترحال والتجوال حتى أصبح ذلك ديدنهم... 2 – البدو شبه الرحل: وهؤلاء يأخذون من البدو الترحل بالماشية في بعض شهور السنة ، ويمتهنون الزراعة في الشهور الأخرى ، والبعض يسميهم "البدو نصف الرحل" ، والبعض الآخر يسميهم "الشاوية والأبقار" لاعتمادهم على هذين الصنفين من الحيوانات ، أو على أحدهما ، وهؤلاء نجعتهم قصيرة في الغالب لعدم تحمل الأغنام والأبقار عناء السفر البعيد ، ولعدم رغبتهم في الابتعاد كثيراً عن مزارعهم. وهؤلاء عندما ينتلقون إلى البادية بمواشيهم يخضعون لأعراف وقوانين البادية ، وعندما يعودون إلى مزارعهم يخضعون لأعراف الريف وسكان القرى ، بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم لحل مشكلاتهم. 3 – البدو المستقرون: وهؤلاء أقرب إلى سكان الريف منهم إلى البداوة ، ومعظمهم يمتهن الزراعة وتربية الماشية ، ويرعون مواشيهم حول مزارعهم ، وفي تلك المزارع بعد حصادها ، ولا يلجأون إلى الترحل إلا عندما يقسو عليهم الوقت ، ويتعاقب عليهم المحل والجفاف ، عند ذلك يرحل بعض أفراد الأسرة بالماشية إلى تخوم وأطراف المناطق الزراعية ، وهي مناطق عادة لا توجد فيها زراعة ، وتعتبر مباحة للجميع. البداوة الرعوية يمكننا أن نتعرف على البداوة الرعوية من خلال النقاط التالية: أ – مفهوم البدو والبادية: غير أن تجرنا اللغة إلى متاهاتها البعيدة أو المرهقة نقول أن البادية هي الصحراء ، ومن ينتسب إليها فهو بدوي ، ومن أقام بها فهو متبدى ، والاطار العام الذي يشمل الاقامة في الصحراء والتعود على العيش بها هو البداوة ، وعلى هذا يكون أهل البدو "أي أهل الصحراء" غير أهل الحضر والبدو ، وارتياد الكلأ ، وتتبع مصادر الغيث. وعلى هذا يكون البدوي هو ساكن الصحراء أو البيداء ، والبدو "جمع بدوي" يشكلون في مجموعهم عدداً من القبائل الرحل التي يعيش أعضاؤها في الخيام ويعتمدون على منتجات حيواناتهم بصفة أساسية. ويؤلف البدو الرعاة نسبة لا يستهان بها من سكان العالم ، حيث بلغ تعدادهم بالنسبة لسكان منطقة كالشرق الأوسط مثلاً بما في ذلك البلاد العرية حوالي العشر وأن كانوا يسكنون ويستخدمون في ذات الوقت حوالي تسعة أعشار مساحة أرض المنطقة ، ويقضون معظم أيام السنة في تجوال مستمر سعياً وراء الماء والعشب والذي يحدد دور التجول السنوية للبدو هو حاجات قطعانهم للغذاء حيث يتجولون داخل الصحراء أثناء فصل الشتاء الممطر ، ويستقرون قريباً من العيون والآبار ، وعند أطراف الصحاري خلال شهور الصيف. ب – أشكال البداوة الرعوية: 1 – كان ابن خلدون سابقاً عندما وضع البدو على مستويات ثلاثة تبعاً لدرجة توغلهم في الصحراء ، و بعدهم عن الحضارة ، وأطلقنا على هذا المستويات خلال كتابنا البداوة العربية والتنمية مصطلح "سلم البداوة" المهم إننا نلمح في أقصى السلم البدوي الذي يعتمدون على الإبل في معاشهم ويطلق ابن خلدون على هؤلاء لفظ "الابالة" أي رعاة الابل ، ويليهم في الترتيب "الشاوية" أي أصحاب الشاة وهم رعاة الضأن ، ووضع ابن خلدون معهم على نفس الدرجة " البقارة" أي رعاة البقر ، ويأتي في اسفل السلم "سلم البداوة" الممتهنون للزراعة وهم الذي مارسوا نوع من أنواع الاستقرار في الواحات وحول الابار والوديان أو عند المراكز الحضارية القربية. 2 – يمكن أيضاً التعرف على أشكال البداوة الرعوية من خلال مدى تصل ظاهرة البدواة من عدمه حيث توجد في هذا الشأن أربعة أشكال هي: أ – البداوة الخالصة: وتمارس الجماعة البدوية من خلالها الظعن في قلب الصحاري ، ومن الطبيعي أن يكون دليلها في ذلك هو الجمل بما له من قدرة ومكانة خاصة. ب – البداوة الجزئية: وهي أقل تأصلاً نتيجة لعدم قدرة الحيوان الراعي على التوغل داخل الصحراء وقلة احتماله للجفاف الشديد في قلب الصحراء ، ومن هنا كان هروب البدو بهذا الشكل "خصوصاً الشاوية منهم" إلى أطراف الصحاري. ج – الاستقرار الجزئي: وبدو هذا الشكل قد مارسوا نوعاً من الاستقرار بالقرب من المجاري المائية وعند حواف المناطق الزراعية. د – الاستقرار الجزئي: ويكون البدو من خلاله قد استقروا تماماً واستبدلوا في عاداتهم ونظامهم عادات ونظماً حضارية جديدة وما عادوا من البدو في شيء. ج – أسباب البداوة الرعوية: يمكن حصر هذه الأسباب خلال أربعة نقاط أساسية: 1 – الماء ، على اعتبار انه يشكل هدفاً رئيسياً لتجول البدو حيث يجدون إلى جواره كل أسباب الحياة و الخصب. 2 – المراعي ، حيث لازال الكلأ من أهم العوامل التي تحرك البدو تحدد "مع الحيوان الراعي" طبيعة تجوالهم. 3 – العوامل البيئية والطبيعية ، لأن ما تمارسه من ضغط يشكل سبب رئيسي في حل البدو وترحالهم سعياً وراء ظروف طبيعية أحسن. 4 – الظروف الانسانية تتعرض لها الجماعات الرعوية كالهجرة والغزو والثأر وكلها أمور تؤدي إلى تبدي مجموعات بدوية كثيرة. هل البداوة وقف على الصحراء؟ الصحراء "بكل ظروفها" تفرض على أهلها البداوة ، لكن من الأمور الثابتة أن الصحراء ليست هي المحتوى الوحيد للبداوة بمعنى أن كل صحراء تفرض وخاصة في ظل ظروف التقليدية على أهلها حياة البداوة لكن ليست البداوة قاصرة على الصحراء. والأمثلة على ذلك كثيرة وقديمة قدم الانسانية ذاتها ، ففي أفريقيا لازالت غابات السافانا الاستوائية تضم أفريقيين في حالة بداوة كاملة يمارسون خلالها الصيد والقنص والعري والزراعة المتنقلة. وباعتبار أن البداوة "كمفهوم" تنطلق من السعي والتنقل وراء مصادر الرزق ، فأن البحر في رأينا وفي رأي عدد من الباحثين يعتبر هو الآخر أحد دروب البداوة ، لأن الصياد يمارس من خلاله حياة بدوية تعتمد على التنقل وتتبع مصادر رزقه. وعلى مستوى الوطن العربي.. نجد أن بداوة البحر تلك كانت نمطاً سائداً قبل اكتشاف البترول بعدد من بلدان الخليج العربي وصحراء سيناء المصرية ، حيث كان اعتماد البدو هناك يكاد يكون اعتماداً كاملاً على صيد السمك والغوص بحثاً على اللؤلؤ ، فضلاً عن ركوب البحر نفسه بأغراض التجارة والنقل. وعلى مستوى العالم: كان بداوة البحر تلك ولازالت سائدة لدى القبائل الهندية الساحلية في كندا وغيرها على النحو الذي أوضحناه في الباب الأول من هذا الكتاب. وإذا ما تجاوزنا المفهوم التقليدي للصحراء "باعتبارها صحراء جافة" نجد أن الصحراوات الجليدية المتجمدة تحتضن أنماط متعددة من البداوة كما هو الحال لدى الاسكيمو وعلى النحو الذي شرحناه في الباب الأول من هذا الكتاب. المهم: أن البداوة ليس وفقاً على الصحراء ، وان كانت الصحراء بظروفها الصعبة والقاهرة تفرض على سكان البداوة بالضرورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق